[FONT=af_diwani]البريد في الاسلام[/FONT]
أما في عصر الإسلام وازدهاره وهو ملئ بالأحداث من فتوحات وغزوات انتصارات حتى قيام دولة الإسلام وانتشاره في ربوع مكة والمدينة إلى فتوحاته الخارجية وعشرة والتي أصبح له قوته وكيانه بقائده الحكيم محمد رسول الله (صلى الله عليه وسلم) فكان لابد من وجود نظام بريدي شامل للارساليات إلى ملوك وأمراء البلاد الاخرى لدعوتهم إلى الدخول في الإسلام فكان النظام البريدي في حمل الرسائل والمكاتبات يدا بيد باختيار من هم أهل لذلك بحملها إلى الملوك مع الذين حملوا لواء الاسلام ونشره ولعل تلك الرسائل أثرت في تاريخ الاسلام والبشرية
وقد أثرت هذه الرسائل في الإسلام تأثيرا مباشرا وكانت الرسائل تكتب على جلد الغزال أول الرقع المختلفة من الجلود والتي عاشت حتى يومنا هذا لتنقل لنا بريدا كان في الماضي . فقد بعث رسول الله (صلى الله عليه عليه وسلم الي)
** { مكاتبة الملوك والأمراء } **
ما إن أمن المسلمون حرب قريش ، حتى دبت أقدامهم فى أنحاء الأرض ،تحمل رسالة رب العالمين إلى العالمين ، ورسول الله - صلى الله عليه وسلم - يعلم أنرسائله ستصل إلى قوم ، الشكل عندهم يسبق المضمون ؛ ولذا فقد اتخذ لنفسه خاتمًا منفضة ، جعل نقشه " محمد رسول الله "
وانتقى صلى الله عليه وسلم - من صحابته أهل المعرفة والخبرة ؛ ليرسلهم إلى ملوك العالم فسعوا بكتبه إلى النجاشى ، والمقوقس، وإلى كسرى ، وقيصر ، وإلى المنذر بن ساوى ، وهوذة بن على ، والحارث بن أبى شمر ،وكذلك إلى ملك عمان ، فأصاب كل من خير الإسلام ما يحسب ما هو أهل له .
الكتاب إلى النجاشى
فى آخر سنة ستمن الهجرة أو فى محرم من السنة السابعة ، حمل عمرو بن أمية الضمرى كتاب رسول الله - صلى الله عليه وسلم - إلى نجاشى الحبشة ( أصحمة بن الأبجر ) ودخل عمرو على النجاشى، فقرأ الرسالة ، وإذا فيها :-
هذا كتاب من محمدالنبى إلى النجاشى الأصحم عظيم الحبشة ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن باللهورسوله ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ، لم يتخذ صاحبة ولا ولدا ، وأن محمدًا عبده ورسوله ، وأدعوك بدعاية الإسلام ، فإنى أنارسوله فأسلم تسلم :- ( ياأهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ، ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) فإن أبيت فإن عليك إثم النصارى من قومك .
وهنا وضع النجاشى الكتاب على عينيه ، ونزل عن سريره إلى الأرض ، وأسلم على يد جعفر بن أبى طالب وطاعة لأمررسول الله - صلى الله عليه وسلم - أرسل النجاشى مهاجرى الحبشة فى سفينتين مع عمروبن أمية ، وقد حملهم بجوابه إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - والذى يقول فيه :-
إلى محمد رسول الله من النجاشى أصحمة :- سلام عليكيا نبى الله من الله ، ورحمة الله وبركاته ، الله الذى لا إله إلا هو ،أما بعد،،،
فقد بلغنى كتابك يا رسول الله فيما ذكرت من أمرعيسى ، فورب السماء والأرض ، إن عيسى لا يزيد على ما ذكرت ثفروقًا - وهو علاقة مابين النواة والقشرة - ، إنه كما ذكرت ، وقد عرفنا ما بعثت به إلينا ، وقد قربنا ابنعمك وأصحابه فأشهد أنك رسول الله صادقًا مصدقًا ، وقد بايعتك ، وبايعت ابن عمك ،وأسلمت على يديه لله رب العالمين .
فوصل المهاجرون بالكتاب إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وهو بخيبر .
الكتاب إلى المقوقس ملك مصر
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله ورسوله إلى المقوقس عظيم القبط ، سلام على من اتبع الهدى ، أما بعد ،،
فإنى أدعوك بدعاية الإسلام ،أسلم تسلم ، وأسلم يؤتك الله أجرك مرتين ، فإن توليت فإن عليك إثم القبط ( يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم أن لا نعبد إلا الله ولا نشرك به شيئًا ،ولا يتخذ بعضنا بعضًا أربابًا من دون الله ، فإن تولوا فقولوا اشهدوا بأنا مسلمون ) .
كان هذا هو نص الكتاب الذى قدم به حاطب بن أبى بلتعة ، على المقوقس جريجبن متى ملك مصر والإسكندرية ، ودارت بينهما محاورة ، أكد فيها حاطب على قرب النصارى من الإسلام ، واحترام الإسلام لعقيدتهم ، وكونه امتدادًا للرسالات السماوية السابقة، وأجاب المقوقس بكلام طيب عن النبى - صلى الله عليه وسلم - ، وبأنه كان يعلم بقرب خروج نبى لكنه كان يحسبه يخرج من الشام ،لكن المقوقس كما لم يرفض الإسلام ، لم يدخل فيه ، وأكرم حاطبًا ، ثم بعث معه جاريتين لهما مكان عظيم فى القبط ، هما مارية وسيرين ، كما أرسل معه بغلة كهدية للنبى ، وقد اتخذ رسولالله - صلى الله عليه وسلم - مارية سرية له ، وأعطى سيرين لحسان بن ثابت .
الكتاب إلى كسرى ملك فارس
أرسل النبى - صلى الله عليه وسلم - عبدالله بن حذافة السهمى إلى كسرى ملك فارس ، برسالة قال فيها :-
بسم الله الرحمن الرحيم : من محمد رسول الله إلى كسرى عظيم فارس ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن بالله ورسوله ، وشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له ، وأن محمدًا عبده ورسوله ،وأدعوك بدعاية الله ، فإنى أنا رسول الله إلى الناس كافة لينذر من كان حيًا ، ويحق القول على الكافرين ، فأسلم تسلم ، فإن أبيت فإن إثم المجوس عليك .
وقرأ الكتاب على كسرى فمزقه ، وقال فى غطرسة :-
عبد حقيرمن رعيتى يكتب اسمه قبلى . أهذا ماجال بخاطر كسرى ؟ كيف يكتب اسم محمد قبل اسمه ؟حقا إن ملكًا هذا عقله ملكه لا ينبغى له أن يدوم ، وقد قال رسول الله - صلى اللهعليه وسلم - حين بلغه ما صنع كسرى: مزق الله ملكه . فكان ما قال ، فقد كتب كسرى إلى باذان عامله باليمن : ابعث إلى هذا الرجل بالحجاز رجلين جلدين ، فليأتيانى به .
وأسرع باذان بإنفاذ أمر سيده ، وفوجئ المسلمون برسولى باذان يدخلان علىالنبى - صلى الله عليه وسلم - وأحدهما يأمره أن ينهض معه ليمثل أمام كسرى !
ولميعنف النبى - صلى الله عليه وسلم - واحدًا من الرسولين ، إنما طلب منهما أن يلاقياهغدًا ، فلما جاءاه أخبرهما أن الوحى أعلمه بقتل كسرى على يد ابنه ، وانتهاء ملكه ،وأمرهما أن يقولا للملك الجديد :-
إن أسلمت أعطيتكما تحت يدك ، وملكتك على قومك من الأبناء .
فعاد الرسولان إلى باذان يتعجبان، وبعد قليل جاء كتاب من شيرويه بن كسرى بقتل أبيه ، وعدم رغبته فى التعرض لمحمد ،فكان ذلك سببًا فى إسلام باذان ، ومن معه من أهل فارس باليمن .
الكتاب إلى قيصر ملك الروم
وصل دحية بن خليفة الكلبى إلى هرقل قيصر ملك الروم، عن طريق عظيم بصرى،حاملاً معه رسالة محمد ، فلما علم ما فيها أرسل إلى أبى سفيان ومن معه من كفار قريش - وقد خرجوا بتجارتهم إلى إيليا بالشام - فدخلوا عليه ، وأجلس قيصر أبا سفيان أمامه و جعل من معه من التجار خلف أبى سفيان ، وأمره أن يصدقه وإلا فإن قومه سيكذبوه ،وبدا قيصر يستفسر عن محمد - صلى الله عليه وسلم - وعن دينه ، ومن معه،،،
فأجابه أبو سفيان بأنه من أشرفهم نسبًا وبأن أحدًا لم يأت بدعواه من قبل ، فهو ليس بمقلد ، ولم يكن أبوه ملكًا يبحث عن ملكه الضائع ، وبأنه غير متهم فيهم بالكذب ، ولا يعرف عنه الغدر ، وأن أتباعه الضعفاء ،وهم يزيدون ولا يرتد منهم أحد ، وأنه يأمر العرب أن يعبدوا الله ولا يشركوا بهشيئًا ، وينهاهم عن عبادة الأوثان ، ويأمرهم بالصلاة والصدق والعفاف .
وهنا انطلقت كلمات قيصر قارعة بالحق أسماع من حضر من مشركى قريش :-
إن كان ما تقول حقا فسيملك موضع قدمى هاتين ، وقد كنت أعلم أنه خارج ،ولم أكن أظن أنه منكم ، فلو أنى أعلم أنى أخلص إليه لتجشمت لقاءه ، ولو كنت عنده لغسلت عند قدميه .
ثم أخرج مشركى قريش من مجلسه ،وأعطى دحية مالاً وكسوة هدية له .
الكتاب إلى المنذر بن ساوى
إن المنذر بن ساوى حاكم البحرين حين وصلته رسالة رسول الله - صلى الله عليه وسلم - مع العلاء بن الحضرمى ،بعث إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - كتابًا يقول فيه :-
أما بعد يا رسول الله ، فإنى قرأت كتابك على أهل البحرين ، فمنهم من أحب الإسلام وأعجبه ، ودخل فيه ، ومنهم من كرهه ، وبأرضى مجوس ويهود ، فأحدث إلى فىذلك أمرك .
فأجابه النبى -صلى الله عليه وسلم- قائلاً :-
بسم الله الرحمن الرحيم: من محمد رسول الله إلى المنذر بن ساوى ، سلام عليك ، فإنى أحمد إليك الله الذى لا إله إلا هو ، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله ،أما بعد فإنى أذكرك الله عز وجل ، فإنه من ينصح فإنما ينصح لنفسه ، وإنه من يطع رسلى ويتبع أمرهم فقد أطاعنى ، ومن نصح لهم فقد نصح لى ، وإن رسلى قد أثنوا عليك خيرًا ، وإنى قد شفعتك فى قومك ، فاترك للمسلمين ما أسلموا عليه ، وعفوت عن أهل الذنوب ، فاقبل منهم ، وإنك مهما تصلح فلم نعزلك عن عملك ، ومن أقام على يهودية أومجوسية فعليه الجزية .
وهكذا دخل الإسلام البحرين دون قتال أو إلزام على أهله المسالمين .
الكتاب إلى هوذة بن على
اختار رسول الله - صلى الله عليه وسلم - سليط بن عمرو العامرى ، ليحمل كتابه إلى هوذة بن على صاحب اليمامة ، وقرأ سليط الكتاب فإذابه :-
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول اللهإ لى هوذة بن على ، سلام على من اتبع الهدى ، واعلم أن دينى سيظهر إلى منتهى الخف والحافر ، فأسلم تسلم ، وأجعل لك ما تحت يدك .
فحاور هوذة سليطًا ، ثم أرسله بجوابه إلى النبى - صلى الله عليه وسلم - وكان به :-
ما أحسن ما تدعو إليه وأجمله ، والعرب تهاب مكانى ، فاجعل لى بعض الأمر أتبعك .
ثم أعطى سليطًا جائزة ، وكساه أثوابًا ، فقدم بذلك كله علىالنبى - صلى الله عليه وسلم - فقال :-
لو سألنى قطعة من الأرض ما فعلت ، باد وباد ما فى يديه .وقد كان ما قاله رسول الله ، فإنه لماانصرف من فتح مكة جاءه جبريل بموت هوذة .
الكتاب إلى الحارث بن أبى شمر الغسانى
قرأ الحارثبن أبى شمر الغسانى صاحب دمشق رسالة النبى - صلى الله عليه وسلم - والتى حملها إليه شجاع بن وهب ، فلم تعجبه كلماتها التى تقول :-
بسمالله الرحمن الرحيم ، من محمد رسول الله إلى الحارث بن أبى شمر ، سلام على من اتبع الهدى ، وآمن به وصدقه ، وإنى أدعوك إلى أن تؤمن بالله وحده لا شريك له ، يبقى لك ملكك .
وصرخ الحارث فى وجه شجاع قائلاً :-من ينزع ملكى منى ؟ أنا سائر إليه !
الكتاب إلى ملك عمان
بسم الله الرحمن الرحيم ، من محمد بن عبد الله إلى جيفر وأخيه عباد ابنى الجلندى ، سلام على من اتب عالهدى ، أما بعد فإنى أدعوكما بدعاية الإسلام ، أسلما تسلما ، فإنى رسول الله إلىالناس كافة ، لأنذر من كان حيًا ويحق القول على الكافرين ، فإنكما إن أقررتما بالإسلام وليتكما ، وإن أبيتما أن تقرا بالإسلام فإن ملككما زائل ، وخيلا تحل بساحتكما ، وتظهر نبوتى على ملككما .
كان هذا هو نص الكتاب الذى بعثه النبى - صلى الله عليه وسلم - إلى ملك عمان وأخيه مع عمرو بن العاص ، ويبدو أن ذلك كانبعد فتح مكة ، وأعمل عمرو ذكاءه المعروف ، فلم يذهب إلى الملك رأسًا ، وإنما بدأ بأخيه فما زال يراجعه ويحدثه يومًا بعد يوم ، حتى شعر منه قربًا ، فأوصله إلى الملك، وأظهر الملك فى بداية الأمر الرفض ، وشك فى قدرة المسلمين عليه ، لكن عمرًا حاوره، وأكد له فى ثنايا حديثه ، من اتباع الناس جميعًا لمحمد - صلى الله عليه وسلم - ومن ثقة المسلمين بقوتهم ، ثم زعم أنه مغادر بلادهم ، فأسرع الملك وأخوه بإعلان إسلامهما ، وساعداه على نشر دينه ، وأخذ الصدقة من أهل عمان .