السلام عليكم...
ليس مستغرباً تماماً أن تميل إتجاهات بوصلة الكل ((أو الأغلب المطلق)) ممن تحدّث مشكوراً عن العملات الأقرب إلى نفسه و قلبه إلا ما ندر, بل و أن ينحاز لنوادر عملات دولته تحديداً, و هذا أمرٌ شبه منطقي لنا كوننا عرب أولاً, تغلبنا العجلة فنطرح التصوّر الأقرب إلى قناعاتنا الشخصية لا المعلومة الأدق, و أن يدفعنا حب بلدنا إلى وسم نوادر عملة بلدنا إلى كتابة ذلك, فالوطنُ غالٍ و لا أغلى من الأرض, و رفعة إسمه شرف بالتأكيد للجميع, إذ راح المصري يطرح طرحه على أن جنيه الجملين (بالتعميم لا بتخصيص التوقيع حتى.!) على أنه الأندر عربياً.!! و هو و لمن يتابع و يعرف, ليس كذلك.! و راح السعودي يتغنى بما أسماه إصدار الحجاز ((غير الصادر, و بالتالي فلا يعتبر إصداراً أصلاً...!)) على أنه الأندر و هو ليس كذلك, إذ أؤكد له وجود أكثر من نسخة معروفة عالمياً من النماذج تلك.! و لم يشذ و بالطبع, ففعل العراقي الشئ نفسه و عرض ما يراه في إصدار الـ 100 دينار للملك فيصل الأول على أنه الأندر عربياً و من جديد.!! و هو و من جديد ليس كذلك.! أرى و من زاوية نظرٍ أخرى أن الإحتراف و المسؤولية في الطرح لا يوجب تعصّبنا للأوطان, خصوصاً إن كنّا نتحدث عن ندرة إصدار, فليس لهذا الأمر و على ما أرى علاقة و حب الأوطان, بل إن له علاقة بالمعرفة, بالدراسة, بالبحث, بالتنقيب عن المعلومة, بالتأكد و التعقّب, و بالمصداقية, و الله أعلم........... و أشد و بالمناسبة على من خصصّ بالقول بندرة عملة (س) على نطاق بلده و لم يعمّم بالقول على أن س من القطع هي الأندر عربيــــــــاً. أعلم تماماً أن طرحي هذا سيُفهم من جانبٍ خاطئٍ من البعض, لكن أملي في أن تتغيّر طبيعة النظرة العربية العامّة إلى ما هو أدق, و أملي في الصفوة ممن يقرأون و يعقلون ما أكتب في بحثٍ جميل علينا تعقّب مصادر العالم و المعلومات لمحاولة الإجابة عليه بالشكل السليم و الأقرب للدقّة بحسب المتيسّر من المعلومات.
نعود إلى السؤال, فلو كان السؤال عن أندر عملةٍ عربيةٍ غير صادرة, فهذه و في قوائمها تضم الكثير, بضمنها إصدارات الحجاز التي كثُر إليها الإشارة, و العشرات أو المئات من الإصدارات الأخرى, و في رأيي الشخصي المجرد, لا يمكن طرح السؤال بالشكل الذي طرحه صاحب البحث عن الأوراق التي لم تصدر, لأنها و بكل بساطة, لم تصدر, بمعنى أن ما بقي منها سيكون نماذج محدودة زادت عن القطعة الواحدة, عن العشرة قطع, أو الـ 100 أو ما هو أقل من ذلك أو أكثر. و من المعروف أن هناك العشرات من الإصدارات في معظم الدول العربية ممن ينطبق عليها هذا المُسمّى, قديمةً كانت أم حديثة.
بقي الكلام إذاً عن أندر القطع الصادرة للتداول إذاً....... و الكلام فيها ليس بالقليل إطلاقاً, و ما زال خاضعاً للدراسة و البحث و الجرح و التعديل, فما هي.!؟
و للإجابة على هذا التساؤل أو بالأصح محاولة الإجابة, فعلينا البحث و التداول و الآخرين من الباحثين قبل القطع بالإجابة و الإشارة إلى ورقةٍ بعينها... و علينا كباحثين و متخصصين أولاً أن نُفرّق بين عبارتي أنـــــــــدر..... و أغلــــــى..... فأندر و رقة هي أقل عددٍ معروفٍ لورقةٍ نقدية ما و صادرة للتداول, في حين أن أغلى ورقة هي الورقة المُباعة بالسعر الأعلى, لأن الطلب عليها لا ينتهي بالطلب المحلي عادة بل قد يتعدّاه إلى الطلب الإقليمي أو العالمي أحباناً, و قد تكون الورقة الأغلى هي الورقة الأندر, و قد لا تكون.
كما و ينبغي الإشارة إلى أن هناك في عالم العملات الورقية ما يسمى بالـ Discovery Notes و هي للعملات التي يُكتشف و فجأةً ((عن طريق الصُدفة أو نتيجة لإخفاء قطعةٍ ما عند هاوٍ ما عن قصد)) أنها كانت قد صدرت لدولةٍ ما, لم يعرف لتلك الورقة وجودٌ من قبل.! و قد تدخل في هذا السياق أي من الفئات المصرية العليا للإصدار المصري الأول ((إن وُجدت)), أي الفئات 5, 10, 50 و 100 جنيه, و المعلومات فيها شحيحةٌ للغاية. لذا, فما قد نتأتى عليه اليوم من نتيجة في البحث, قد يتغير في الغد.
لذا, فإن كان الكلام عن الأنــــــــدر تحديداً من الإصدارات الصادرة للتداول, لا النماذج غير الصادرة التي لم ترَ النور في الإصدار, فيمكنني و من خلال سنوات البحث و الإستقصاء التي قضيتها ((مع ملاحظة أنني لست متأكداً تماماً من وجود نوادر مشابهة في الدول العربية الفرانكوفونية كالمغرب و الجزائر و تونس و لبنان و سوريا)) يمكنني المحاولة في الإجابة بالقدر الذي أتمكّن من التأكيد عليه لربّما بعد سنوات البحث و الإستقصاء, على أن أنــــــــــــــــــدر الأوراق العربية هي القطعة النقدية من فئة الـ 100 جنيه فلسطيني إصدار عام 1942, التي لا يُعرف لها و حتى الساعة وجود إطلاقـــــــاً, تليها لربّما و حتى الساعة الورقة النقدية العراقية من فئة الـ 100 فلس إصدار عام 1943/1944 التي يُعرف منها و حتى الساعة نسخةُ فريدة معروفة في العالم بأسره, و الله أعلم...
عذراً للإطالة, و قد يكون لنا و سياق هذا الطرح و الموضوع و البحث لعودة...
شكراً جزيلاً